كلمة حول القرآن
فضل الاهتمام بالقرآن
ثم نقول: لا شك أن الاهتمام بالقرآن حفظا وتلاوة من أسباب الخير، وأسباب السعادة؛ وذلك لأنه كلام الله فهو أشرف الكلام، أنزله الله –تعالى- هدى وبيانا، ووصفه بصفات كما في قوله تعالى: رسم> يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ قرآن> رسم> .
هكذا وصفه بهذه الصفات؛ فهو شفاء وهدى ورحمة، وكذلك وصفه بأنه روح: رسم> وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا قرآن> رسم> القرآن روح؛ لأنه سبب حياة القلوب، البدن لا يحيا إلا ببقاء الروح؛ فإذا خرجت الروح من البدن بقي جثة لا حركة به؛ فإذا كان فيه الروح فإنه ينبعث ويتحرك، سمى الله تعالى القرآن روحا أي: روح القلوب؛ وذلك لأن القلب إما أن يكون حيا أو ميتا، وموت القلب موت معنوي، وحياته حياة أيضا معنوية، ولكن لهذه الحياة أسباب، ومن أسبابها قراءة القرآن، والعمل به؛ فلذلك قال: رسم> وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا قرآن> رسم> .
وكذلك سماه ذكرا في قوله تعالى: رسم> إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ قرآن> رسم> هذا الذكر هو القرآن الذي هو كلام الله أنزله الله تعالى، ووصفه بأنه ذكر؛ وما ذاك إلا أنه يحصل به التذكر، ويحصل به الاتعاظ، ويحصل به ذكر الله فهو يُذكر بالله تعالى، ويُذكر بحقوقه؛ فلذلك سماه ذكرا، ووعد من اتبعه بالهدى، وسماه هدى: رسم> فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى قرآن> رسم> .
سماه هدى لأنه دليل؛ يعني: يستدل به على الطرق المنجية، سماه هدى حيث إن الذين يحفظونه ويعملون به يكونون من المهتدين.
وكذلك سماه بيانا في قوله تعالى: رسم> هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ قرآن> رسم> يعني: أن فيه البيان لهم، بيان ما يُشكل عليهم، وبيان ما يَخفى عليهم مما يحتاجون إليه، وكذلك توعد المعرضين عنه فقال تعالى: رسم> وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قرآن> رسم> .
هكذا توعده، لماذا؟ أعرض عن ذكري، أعرض عن اتباع القرآن، وعن قراءته، وعن العمل به.
ذكر العلماء أن الله أنزل القرآن ليُعمل به؛ فاتخذ الناس قراءته عملا. يعني: أنهم إذا قرءوه فإن ذلك عمل يثابون عليه، ويؤجرون حيث إن فيه الأجر وفيه الثواب؛ فلذلك نوصي بتلاوته كما أمر الله بها ومدح أهلها: رسم> الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ قرآن> رسم> .
تطلق التلاوة على العمل به واتباعه؛ تلا القرآن يعني: اتبع ما جاء فيه، التلاوة بمعنى الاتباع؛ قال تعالى: رسم> وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا قرآن> رسم> يعني: تبعها.
وقد يراد بالتلاوة القراءة، ودليله قوله تعالى: رسم> اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الكِتَابِ قرآن> رسم> رسم> وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ قرآن> رسم> فالتلاوة بمعنى القراءة؛ وذلك لأن القارئ يتبع الآيات، يقرأ آية ويُتبعها بآية أخرى؛ فتكون آياته متتابعة، وفي تلاوته مع الاحتساب أجر عظيم؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم> من قرأ حرفا من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف متن_ح> رسم> .
يعني: هذه كلمة واحدة، وإن كانت ثلاث كلمات، فمع ذلك فيها هذا الأجر، الأجر الكبير لا شك أن الذي يريد ذلك هو الذي يكون محتسبا طالبا للثواب.
كذلك أيضا ينبغي عند تلاوته التدبر؛ فإنها هي الثمرة قال الله تعالى: رسم> لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ قرآن> رسم> أي: يتعقلوها، وقال تعالى: رسم> أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ قرآن> رسم> يعني لماذا لم يتدبروه.
وقال تعالى: رسم> أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ قرآن> رسم> جاءت هذه في سورتين: رسم> أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا قرآن> رسم> رسم> أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا قرآن> رسم> .
فكل هذا دليل على أنه لا بد من قراءته لمن حمله، وكذلك أيضا فيها بيان فضل العمل به، وفضل حفظه، وفضل تلاوته.
مسألة>